بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلن دعوته بعد أن تنزل عليه قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ
جَنَاحَكَ
لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، وقوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}.
وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشيرته فدعاهم على طعام وخطبهم قائلا: الحمد لله أحمده واستعينه، وأؤمن به وأتوكل عليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ثم قال: إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو إنى رسول الله إليكم خاصة وإلي الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن بما تعملون وأنها الجنة أبدا والنار أبدا.
فقال أبو طالب ما أحب إلينا معاونتك وأقبلنا لنصيحتك واشد تصديقنا لحديثك وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون وإنما أنا أحدهم عير أني أسرعهم إلي ما تحب، فامض لما أمرت به، فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب فقال أبو لهب: هذه والله السوأه، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم فقال أبو طالب: لنمنعه ما بقينا.
ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فصعد الصفا وهتف: يا صباحاه فقالت قريش من هذا الذي يهتف قالوا: محمدا، فاجتمعوا إليه. فقال: يا بني عبد المطلب يا بني عبد مناف يا بني قصي ثم نادى قريش قبيلة قبيلة حتى أتى على أخرهم فاجتمعوا إليه فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيل بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا.
قال: فأنى نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب: تبا لك ما جمعتنا الا لهذا ثم انصرف فنزل قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} الى آخر السورة.
ولم يتوان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فى تبليغ دعوته فدعا إليها ليلا ونهارا سرا وجهرا، يتبع قريش فى أنديتهم ومجامعهم ومحافلهم وفى مواسم حجهم وكان يدعوا كل من لقيه حرا أو عبدا ضعيفا أو قويا غنيا أو فقيرا.