معناه : النذر هو التزام قربة غير لازمة في أصل الشرع بلفظ يشعر بذلك ، مثل أن يقول المرء : لله علي أن أتصدق بمبلغ كذا ، أو إن شفى الله مريضي فعلي صيام ثلاثة أيام ونحو ذلك . ولا يصح إلا من بالغ عاقل مختار ولو كان كافرا . النذر عبادة قديمة : ذكر الله سبحانه عن أم مريم أنها نذرت ما في بطنها لله فقال : - ( إذ قالت امرأة عمران ربي إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ) ( 1 ) .
وأمر الله مريم به فقال : ( فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) ( 1 ) .
النذر في الجاهلية : وذكر الله عن أهل الجاهلية ما كانوا يتقربون به إلى آلهتهم من نذور ، طلبا لشفاعتهم عند الله ، وليقربوهم إليه زلفى فقال : ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم . ساء ما يحكمون ) ( 2 ) .
مشرعيته في الاسلام : وهو مشروع بالكتاب والسنة ، ففي الكتاب يقول الله سبحانه : ( وما أنفقتم مننفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه ) ( 3 ) . ويقول : ( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ) ( 1 ) . ويقول : ( يوفون ( 2 ) بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ) ( 3 ) وفي السنة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصيه فلا صه رواه البخاري ومسلم عن عائشة . والاسلام وإن كان قد شرعه إلا أنه لا يستحبه ، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر ، وقال : إنه لا يأتي بخير ، وإنما يستخرج به من البخيل . رواه البخاري ومسلم .
( هامش ) ( 1 ) سورة الحج آية رقم 29 . ( 2 ) سورة الدهر آية رقم 7 . ( 3 ) عن قتادة في هذه الاية : قال : كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة وما افترض عليهم فسماهم الله أبرارا . أخرجه الطبراني بسند صحيح .
متى يصح ومتى لا يصح : يصح النذر وينعقد إذا كان قربة يتقرب بها إلى الله سبحانه . ويجب الوفاء به . ولا يصح إلا نذر أن يعصي الله ، ولا ينعقد . كالنذر على القبور وعلى أهل المعاصي ، وكأن ينذر أن يشرب الخمر أو يقتل أو يترك الصلاة أو يؤذي والديه . فإن نذر ذلك لا يحب الوفاء به بل يحرم عليه أن يفعل شيئا من ذلك ولا كفارة عليه ( 1 ) لان النذر لم ينعقد بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا نذر في معصية ) ( 2 ) وقيل : ( 3 ) تجب الكفارة زجرا له وتغليظا عليه .
( هامش ) ( 1 ) هذا مذهب الاحناف وأحمد . ( 2 ) رواه مسلم من حديث عمران بن حصين . ( 3 ) جمهور الفقهاء ومنهم المالكية والشافعية
.