بسم الله , والصلاة والسلام علي رسول الله , وعلي آله وصحبه ومن والاه , في كل لمحة ونفس وطرفة عين عدد ما وسعه علم الله ,وبعد :-
فهناك كثير من الناس لاهم لهم إلا أن يقولوا: نحن وراء كل جديد والقديم عليه الرديم 0
سبحان الله النفس البشرية ملولة وكثيرة السآمة , وأنا وإن كنت مثل هؤلاء الكثير لكن ليس علي الإطلاق فهناك أخي أشياء قديمة بتكرارها وبذكرها مرات ومرات تشعر لها بطعم ولذة وفائدة معك , ولو سألتنى أخي ما أعظم مثل أفادك في رحلتك العلمية لقلت لك دون أن أجد أي غضاضة في ذلك هذا المثل الذي يقول : كثرة التكرير تعلم الحمير ) سبحان الله , لما كنت طالبا كتبت هذا المثل بخط عريض جميل ووضعته من أعلي علي المكان الذي فيه كتبي , وكنت أقول في نفسي : إذا كانت كثرة التكرير تعلم الحمير فما بالنا بالآدمى , إن الحمار يحفظ الأماكن لكثرة ذهابه إليها فكذا العلم , ربما يستغرب بعض الإخوة الذين يقرؤن هذا الكلام , ولكن كبار أهل العلم وكبار العارفين لهم قصص مذهلة في ذلك , وما قصة تعليم الغراب لقابيل في القرآن كيف يدفن أخيه هابيل بعد أن قتله عنا بخافية , وفي تفسير المنار علي ما أذكر وغيره قرأت قصة من فترة طويلة أن بعض طلاب الأزهر في الزمن الماضي جاء ليتلقي العلم في الجامع الأزهر علي عمالقةالعلماء فيه في هذا الزمن وكان هذا الطالب غريبا , مكث هذا الطالب ما مكث ولم يفتح عليه وأخيرا مل وعزم أن يرجع إلي بلاده , فدخل علي زوجته وقال لها عزمت علي الرحيل والرجوع إلي بلدى فلم أفلح في تحصيل العلم وجهزي أغراضنا وأمتعتنا للسفر وبالفعل قامت الزوجة بذلك , وسبحان الله بينما هذا الطالب يقرأ ورده أو حزبه الذي كان يواظب عليه إذا به يشاهد نملة تحمل في فمها بعض الفتات وتتسلق به الجدار وعندما تصل إلي ثقب عش النمل وتحاول أن تدخل بهذ ا الفتات يسقط الفتاة منها فترجع وتحمله وهكذا مرات كثيرة تزيد ربما علي العشرين مرة وفي المرة الأخيرة نجحت النملة وأدخلت ما معها عشها أو قريتها سبحان الله لقد كان منظرا رائعا ودرسا بديعا في الصبر والمصابرة مما دفع بهذا الطالب الأزهري اليائس أن يراجع نفسه ويقول أأ عجزأن أكون مثل هذه النملة وبالفعل دخل هذا الطالب علي زوجته وقال أعيد ى الأغراض والأمتعة كما كانت لقد عزمت أن أصير وأصابر وأن أكون مثل هذه النملة وقص عليها القصة , وبالفعل عاد إلي طلب العلم من جديد وسبحان الله صار فيما بعد من عمالقة علماء الأزهر , لا أدري أهو الشيخ خالد الأزهري صاحب المؤلفات النحوية والأزهرية أم غيره لقد نسيت مع طول المدة , ومن هنا كان كبار العارفين منهم من يقول تعلمت من الحمار كذا , ومنهم من يقول تعلمت من هرة أهلي كذا إلخ000
لا مانع إخوانى عندي من تكرار بعض المواضيع أو الخطب أو نحو ذلك لما أري له من فائدة وتأثير في نفسى , ومن هنا فعندى مقدمة خطابية في خطبة الجمعة مشهورة أكررها كثيرا يعرفها كل أهل فرشوط ويحفظها الكثير , بعض السطحيين يلومننى علي تكرارها لكن صدقوني أن هذه المقدمة لها سركبير وتأثير عميق في نفسى ففيها لطائف من علم الحقيقة والقضاء والقدر والركون إلي حول الله وقوته وأسرار الوحدانية المطلقة لله في كل شئ والسكون تحت رياح المقادير وانزياح الهموم والغموم , إلخ000
كذلك لي نهاية معروفة أقولها في نهاية الخطب تذكر الإنسان بالموت والقبر وفناء الدنيا والنفخ في الصور ووقوف العباد بين يدي مالك الملك ‘لخ000
إخوانى ليس التكرار عيبا بل قد يكون أبلغ لقد واظب صلي الله عليه وسلم علي كثير من الأدعية وما شابه , ونحن نكرر الفاتحة مرات كثيرة كل يوم في الصلاة ونكرر التكبيرات وماشابه ذلك 0
# المهم يا إخواني وما أريد أن أصل إليه أنه ليس إعادة نشر موضوع قديم عيبا بل ربما يكون فيه فائدة أكثر من موضوع مبتكر جديد , وهذا الموضوع الذي نحن بصدده الآن وهو : زامر الحي لايطرب وبنت البيت عوراء ) كنت نشرته في بعض المنتديات وأحب أن أعيده هنا لما أتوسم فيه من فوائد جمة ودروس بليغة لمن تدبره جيدا ونحن في أمس الحاجة إليها , وإليكم ماكنت كتبته عن هذا الموضوع :-
ذكر الأستاذ عبد الحميد جودة السحار الكاتب القصصي المشهور في بعض كتبه ما حاصله أن الموضوع أو القصة أو ماشابه ذلك إذا استجمع مقوماته فإن ينضج في ذهن صاحبه ويحاول أن يبرز إلي الواقع ويخرج للوجود , فإن أخرجه صاحبه برز للواقع وإلا احترق في ذهنه أو مات , ولا يخرج للوجود من جديد إلا إذا قام بإحياء هذا الموضوع الذي في ذهنه.
بعد هذه المقدمة أقول لكم من عدة أيام وجدت داخل نفسي أننى أريد أن أكتب موضوعا عن هذين المثلين العجيبين المشهورين جدا وهما ( زامر الحي لايطرب , وبنت البيت عوراء ) ووجدت هذا الموضوع يريد أن يقفز من داخل نفسى ,وحقيقة أنا أكتب بصعوبة بالغة جدا علي اللوحة وتضنينى الكتابة , وحاولت وأد الموضوع في نفسى متعللا بتعب الكتابة وقلة الأشخاص الذين يمرون علي المشاركة , ولكنه أخذ يحاول أن يقفز للمنتدي لا أدري الله أعلم .
سبحان الله الأمثال من أصدق الأشياء في حياة الشعوب وخلاصة تجاربها , وكل أمة من الأمم لها أمثالها , وكذا كل شعب , وكل بلد , بل كل أهل حرفة إلخ 00 والأمة العربية غنية بأمثالها , وما كتاب الميدانى ونحوه عنا ببعيد , وسبحان الله أنا من أيام زمان , وأنا أهوى مثل هذه الأمور فمنذ ربع قرن اشتريت كتابا مكتظا بالأمثال العامية المصرية وقرأته وانتفعت به , وأن شخصيا أحب الأمور الغريبة والعجيبة وألتهم وأقرأ كل شئ , وأحاول أن استنبط وأستفيد من كل شئ , ولذا ما جعل بعض السطحيين يتهموننى ويتوهمون في الأوهام التي لا أساس لها من الصحة والواقع إلا في أدمغتهم , لأن هؤلاء حبسوا نفوسهم وأغلقوا عليها , أما أنا والحمد لله فتخلصت من سنوات طويلة من ذلك , وأبحر هنا وهناك وأستفيد في شتي المجالات ,
لنترك ذلك ولنرجع إلي المثلين العجيبين الذين معنا خلاصة هذين المثلين أن الناس يتأثرون بالبعيد عنهم ويجرون وراءه ويلهثون خلفه , وكثيرا ما يكون هذا القريب منهم والمتناول لأيديهم خير من ذاك البعيد وأفضل منه مآت المرات , ولكن سبحان الله فضول النفس وعدم الموازنة الجيدة ,وعدم التقدير الصحيح , وعلي سبيل المثال لا الحصر :
هذاسيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يبعثه الله إلى أهل مكة ويختاره نبيا , ولكن أهل مكة يتعجبون ويعزفون عن الإيمان به ويسخرون منه ,ويستهزءون به , وبعضهم يقول : إن ابن أبي كبشة قد تنبأ , استهزاءا به صلي الله عليه وسلم , وأبو كبشة هو زوج حليمة السعدية التي أرضعته , ويصر هؤلاء علي رفض الإيمان برسول الله والاستجابة لدعوته حتي يهاجر صلي الله عليه وسلم ويؤمن به أهل المدينة وينتشر الإسلام بين الناس , وأخيرا يكتشف أهل مكة أنهم كانوا غافلين عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وعن حقيقته فيؤمنون , ولكنهم بعد وقت متأخر , لقد ذكرني ذلك ما سأله بعض الناس للشيخ الغزالي السقا أو لبعض أهل العلم الآخرين فقال له ياشيخ : متي نطبق الشريعة الإسلامية ؟؟؟ فقال : إذا طبقها الغرب , أو طبقتها أمريكة 0 حقا ياجماعة لو طبقت أمريكا أو الغرب الشريعة الإسلامية أو ما شابه فإنه بلا شك سيطبقها حكام العرب والمسلمين .
وهذا الواحد منا تكون عنده ابنة عمه أو خاله أو قريبته أو من أهل بلده , في كامل الحسن والجمال والبهاء يعرفها ويعرف أهلها وكل شئ عنها , ولكنه يتركها ويتزوج بعيد ة عنه , تكلفه مهرا ثقيلا , وقائمة تقصم الظهر , وأخيرا يكتشف عيوب بعض خلقتها وأخلاقها وأنه كان مخطئا وموغلا في ظلم الأهل والأقرباء المحيطين به وأهل بلده الذين كانوا ميسرين له كل شئ ولولا الحياء لأمسكوها من يدها ودفعوها إليه ,وأخيرا يرجع ويطلق هذه , ويعود إلي عمه أو خالته أو بنت بلده مطأطئا رأسه ومدلدلا عنقه , ولكن بعد ماذا , بعد هذا الصفعة القاسية التي أخذها على عنقه , والخبطة الموجعة التي أخذا علي رأسه , نسي هذا الغبي المثل الصادق الذي يقول ( الذي تعرفه خير من الذي لا تعرفه ).
وهذا شخص آخر يكون معه قريبه فى غاية الأمانة والصدق , ولكنه يعزف عنه ويولى أعماله شخصا غريبا يقال عنه إنه أمين , وفي الآخر يكتشف بعد فوات ألأوان أنه سارق , وأخيرا يرجع إلي قريبه ذاك أو إلي أهل بلده ولا ننس أيضا هذا المثل الذي ينطبق علي كثير من الناس ( مثل القرع يمد لبره ) والكلام يجر بعضه كما يقولون وكما كان يقول السادات الله يرحمه في حديثه مع همت مصطفي ذكرني مثل القرع هذابوزير الدخلية ذكى بدرالله يرحمه لماقال : نحن زي القرع نمد لبره لما سألته فتاة تزوجت خليجى وتطلب الجنسية لأبنائها: لم لم تتزوجي مصرى؟؟؟ هو المصرى فيه الكخةولا نحن زى القرع نمد لبره.
ومن أمثلة الذين ينطبق عليهم هذا المثل ,هؤلاءالذين يقيمون احتفالا ولكنهم لايقنعون بما عندهم من علماء أجلاء أو قراء أكفاء في بلدهم , ويجلبون بعض الخطباء أو القراء أو المحاضرين الذي يأتي بالطائرة ويأخذ منهم الآلاف أو يكلفهم الآلاف وأخيرا يكتشفون أن ابن بلدهم أو عالمهم أو قارئهم المحلي خير من ذلك مآت المرات وأقوى منه 0
طبعا إخوانى لعل هذا الموضوع يعجبكم ولعل الكثير منا أن يفيقوا , ويقدروا الأمور تقديرا صحيحا جيدا حتي لا يقعوا فيما لا تحمد عقباه0