مواقف فى حياة ابى بكر الصديق رضى الله عنه
يروى لنا التاريخ الاسلامى مواقف عصيبة وأيام شدائد مرت بالامة الاسلامية ، ولكن الله تعالي اختار لهذه الأمة في أيام شدتها ومحنتها -علي مدي التاريخ- رجالاً تجاوزوا بها الأزمات والشدائد. ومن هذه الشدائد والمحن تلك التي حدثت في أول عهد الصديق أبي بكر رضي الله عنه.
فبعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم- ظن الذين في قلوبهم مرض من المنافقين واليهود والمجوس انهم يستطيعون الكيد للاسلام. وطفا علي السطح هذا الزبد ممن لم يكن في قلوبهم إيمان ولا انتماء خالص للإسلام. فارتد المرتدون وادعي المدعون النبوة في طول البلاد و عرضها. ومنع البعض زكاة أموالهم. وأمام هذه الفتنة المظلمة يقف الصديق في بداية توليه لأمر الأمة. ويشاور أهل الحل والعقد: ماذا نفعل؟ وكانت الكلمة مجمعة علي أخذ الناس بالرفق واللين. ولكن عجبًا لموقف الصديق فهو يعلن موقفه الواضح فيعزم علي أن يخرج جيش أسامة الذي ربط لواءه النبي صلي الله عليه وسلم بنفسه قبل وفاته. وأن يخرج الجيوش لتأديب الخارجين من المرتدين. ومدعي النبوة. ومانعي الزكاة حتي يقول له الفاروق: كيف تقاتل الناس؟ وقد قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- "أمرت أن أقاتل الناس حتي يقولوا لا إله إلا الله. وأن محمداً رسول الله. فمن قالها فقد عصم مني ماله ودمه إلا بحقها وحسابه علي الله".
فرد الصديق بحزم وقوة: والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله صلي الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه. والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. فإن الزكاة حق المال وقد قال: إلا بحقها. وصاح في عمر بن الخطاب: يا ابن الخطاب.. رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك. أجبار في الجاهلية. خوّار في الإسلام؟ إنه قد انقطع الوحي وتم الدين. أوَ ينقص وأنا حي؟
يقول الفاروق: فوالله ما هو إلا أن شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
إن المتأمل لهذا الموقف وهذه الوقفة ليشهد للإسلام بأنه هو الذي صنع الرجال من خلال تربيته لهم. فهذا هو الفاروق المعروف بشدته وقوته يقف هذا الموقف اللين. ويري الصديق المعروف بسماحته ورقته ودماثة خلقه وهدوئه وحلمه. يقف هذا الموقف الصلب. فيعلنها غضبة لله تعالي. لا يخاف لومه لائم وكان لهذه الوقفة أكبر الأثر في تخطي الأمة لهذه المحنة حتي عادت للأمة هيبتها وقبع المتربصون بالإسلام في جحورهم
