يتبع
- وفق هذه المعطيات أليس من العبث الحسم مسبقا في نتيجة المواجهة المرتقبة بين الفريقين الشقيقين الجزائري والمصري خلال هذه التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب إفريقيا؟
أنا ضد التوقعات المسبقة والنتائج المسبقة في كرة القدم، الإجتهاد في الملعب هو الفيصل في مثل هذه المواجهات، ومن الناحية النظرية المنتخب المصري حاليا هو واحد من أفضل المنتخبات الإفريقية، على أساس أنه بطل الدورتين السابقتين لكأس إفريقيا للأمم، ونقطة قوته هي الإستقرار في المجموعة الموجودة من اللاعبين وكذلك استقرار على مستوى الجهاز الفني، فعلى الورق الفريق المصري يبدو مكتملا و"ما فيهش" نقائص. أما المنتخب الجزائري فهو كما قلت لك في حالة صعود وفي مرحلة استعادة قوته ولهذا فإن مفاجآته تبقى واردة جدا.
ثم إن اللقاءات التي تجمع بين الفريقين الجزائري والمصري أو بين فرق شمال إفريقيا عموما لا تخضع لحسابات المنطق أو حسابات الورق، فالذي يصنع الفارق هو قوة عزيمة اللاعبين فوق الميدان ودرجة إصرارهم على الفوز.
- هذا ما حدث بالضبط في كأس إفريقيا للأم بتونس لما كان الجميع يرشح فوز مصر على الجزائر لكن حدث العكس وخرجت مصر من الدور الأول؟
بالضبط لم يكن أحد يتوقع فوز الجزائر وقتها على مصر، وهو نفس ما حدث في لقاء مصر الجزائر عام 1990 لم يكن أحد يتوقع أن تتأهل مصر على حساب الجزائر التي كانت تضم حينها جيلا قويا من اللاعبين، في الوقت الذي كان المنتخب المصري في مرحلة صعود على عكس المنتخب الجزائري الذي كان وقتها يعيش حالة استقرار وانسجام، فتلاحظ أن التاريخ الآن يعيد نفسه.
- إذن النتيجة الآن غير محسومة مسبقا بالنسبة للمنتخب المصري المرشح الأول للمرور إلى المونديال ؟
والله أنا أدعو اللاعبين ومسؤولي الكرة وجماهير الفريق في البلدين إلى التعلم مما يحدث في البطولات الأوروبية، يجب أن يكون الجميع مستعدا لتقبل الخسارة بنفس درجة استعداده لتقبل الفوز، ويجب أن ينتهي الصراع الكروي المشروع بالعناق والأحضان وتقبل الأمر الواقع، لو الناس اقتنعوا بأن هذه مقابلة كرة وأن الله كتب أن تصعد الجزائر أو مصر فإنه سوف تتلاشى هذه الحساسية الموجودة، يجب أن يقتنع الجميع هنا وهناك أن ما يجمعنا هو أهم وأكبر من كرة القدم، فانتماؤنا العربي والإسلامي وانتماؤنا للأمة الواحدة هو أهم بالنسبة لنا من الفوز في مباراة أو التأهل إلى مونديال.
- لكن ألا تعتقد أن التركيز المبالغ فيه على لقاء مصر والجزائر قد يضر بالفريقين معا وقد تستغل رواندا أو زامبيا هذا التوجه في الإهتمام وتقلب موازين المجموعة رأسا على عقب؟
هذا أمر وارد جدا وأنا لدي إحساس كبير بأن زامبيا أو رواندا سيلعبان دورا مفصليا في تحديد هوية الفريق المتأهل، وقد يحدث ويتكرر نفس ما وقع بين مصر والجزائر لما تأهلت السينغال على حسابهما بسبب التركيز الكبير والصراع الذي نشأ بين المنتخبين الجزائري والمصري.
- بعض الخبراء يؤكد أن المنتخب المصري لم يعد قادرا على تقديم أكثر مما قدم، يعني هل يمكن القول إن المنتخب أصبح منتخبا عجوزا من الناحية الرياضية.. هل أنت مع هذا الرأي ؟
لا، بالعكس، التشكيلة الحالية متنوعة بين عناصر الخبرة وعناصر الشباب، أكبر واحد في التشكيلة هو الحارس عصام الحضري بـ 34 سنة، لكن أغلبية اللاعبين الباقين هم في سن يمثل فترة العطاء الكبير بالنسبة للاعب كرة القدم، لكن كثيرين لعبوا مع بعض لفترة طويلة مما جعل الناس يتخيلون أن المنتخب قد بلغ مرحلة الشيخوخة لكن بالعكس هذه نقطة قوة في المنتخب وليست نقطة ضعف.
- رغم كل هذه الحماسة التي تسبق لقاء الجزائر ومصر، فنجد أن لاعبا مثل أبو تريكة يحظى بشعبية واحترام وحب كبير في الجزائر؟
هذا أمر طبيعي جدا ونفس الشيء هنا في مصر، الجماهير المصرية لازالت متعلقة بحب كبير إلى اليوم مع بلومي وماجر وعصاد ونجوم منتخب الجزائر السابقين، فهذا الأمر ليس مفاجأة بل يكون الأمر مفاجئا لما يحدث العكس، وأنا مثلا لما أشاهد أي لاعب من أصل عربي، جزائري كان أو مصري أو مغربي أو تونسي يلعب في أوروبا فتجدني أشجعه من منطق واحد وهو لأنه ابن هويتي.
وعلى سبيل المثال فزين الدين زيدان أصبح مصدر فخر بالنسبة لجميع العرب لأنه من أصل جزائري، على الرغم من أنه لم يعش أصلا في الجزائر لكن بمجرد أن أصله العربي فهذا منبع فخر كبير لنا بكل صراحة
- فلنعد إلى أحداث مباراة البورسعيدي المصري مع شبيبة بجاية الجزائري، هل من تفسير لهذه الأحداث التي وقعت في نهاية المباراة؟
من المفارقة أن هذه كانت أول مرة أسافر للجزائر وأنا مشتاق كثيرا لرؤيتها، وقد وجدت أن الجزائريين يرحبون بنا في كل مكان ويلتقطون معنا صورا تذكارية في المطار وخارج المطار وفي الفندق، يعني "ما فيش" حواجز أصلا بيننا، وحتى رابح ماجر كان مسافرا معنا في نفس الرحلة، فكل الفريق المصري أخذ صورا تذكارية مع الكابتن ماجر، إلى درجة أن هذا الإستقبال أثر في كثيرا وجعلني أفكر في البقاء في الجزائر لأيام أخرى بعد المباراة للإحتكاك أكثر بشعبها الطيب.. لولا الذي حصل في ما بعد، فأنا إلى اليوم لم أفهم ما الذي جرى بالضبط رغم أننا استقبلنا فريق بجاية هنا في مصر أحسن استقبال.
- لكن ألا أترى أنه من بين الأسباب الرئيسية هو طريقة تعامل شقيقك ابراهيم مع الجماهير الجزائرية من خلال بعض اللقطات غير الرياضية التي قام بها؟
والله كانت الأمور عادية جدا لكن مع بداية المباراة بالضبط بدأت تنزل علينا "الصواريخ" (يقصد الألعاب النارية) من طرف الجمهور الجزائري، مما أدى إلى إصابة أحد لاعبي الفريق المصري في رجله، ولهذا تكهرب الجو من اللحظة الأولى، فنحن حز في نفوسنا أنه لم يتم معاملتنا فوق الملعب بمثل ما عاملناهم به نحن في لقاء الذهاب في بور سعيد.
- ولكن هل هذا يبرر ما قام به ابراهيم حسن مع الجمهور؟
على فكرة مشكلة ابراهيم لم تكن مع الجمهور أبدا، بل كانت مع الحكم فنهض يحتج على الحكم الرئيسي لأنه لم يحتسب الوقت الضائع الذي كان أثناء المباراة، فلما تقدم ابراهيم من الحكم الرابع جاب الله هذا الأخير مسك يد ابراهيم الأمر الذي جعل إبراهيم يفقد أعصابه.
- يا حسام رغم كل ذلك ما كان لازم أن تحصل هذه الأحداث مهما كانت الأسباب؟
آه، أنا معاك، ولكن من الطرفين، الخطأ هنا يتحمله الجانبان وليس طرف واحد، ورغم ذلك تمنيت أن كل هذا لم يحصل بسبب أن علاقتنا بالجزائريين هي أهم من كسب مباراة في بطولة ليس لها أي أهمية في حقيقة الأمر وهي كأس شمال إفريقيا للأندية.
- قرأنا في الصحافة المصرية أنك عبرت عن استعدادك للسفر إلى الجزائر رفقة شخصيات رفيعة المستوى لتقديم اعتذار للشعب الجزائر عما حصل في لقاء بجاية؟
لا، والله، لم أقل هذا الكلام، ولماذا أقدم اعتذارا وأنا لم أكن موجودا في هذا الموضوع أصلا بل شقيقي ابراهيم هو الذي كان في واجهة الأحداث، ولكن رغم ذلك فإنني لن أتردد أبدا في المشاركة في أي مبادرة لتحسين العلاقات الكروية الجزائرية المصرية على جميع مستوياتها..
- المقصود من هذا الكلام كله هو أن نجوما صنعوا الحدث لأكثر من عقد من الزمن يجب أن يلعبوا دورا في التقريب وليس في التفريق بين الشعوب؟
صحيح، وعلى فكرة لما شاركنا مؤخرا في احتفالية اعتزال اللاعب الدولي التونسي زبير بية الذي حضره لاعبون قدامى خاصة من الجزائر وتونس، اتفقنا بيننا كلاعبين عرب على إجراء عديد اللقاءات الودية التي تخدم بعض القضايا الإنسانية في الوطن العربي..
- يعني أنت موافق على المشاركة في المبادرة الكبيرة التي ستقوم بها "الشروق" لتلطيف الأجواء بين الجزائر ومصر قبيل المواجهة الحاسمة التي تجمع بينهما؟
هذا واجب علي وهذا الطبيعي الذي يجب أن يتم، ولكن أنا مع توسيع المبادرة لتشمل مثلا مباراة ودية تجمع نجوم الفريقين ويشارك فيها نجوم العرب لدعم الشعب الفلسطيني مثلا أو لدعم بعض الفئات المهمشة والمحتاجة، ونحن رهن إشارتكم في أي مسعى نبيل في هذا الإتجاه.
بالتوفيق للمنتخبينا المصري والجزائري
يارب تعم الروح الرياضية والاخوية
مع تحيات نوال الجزائرية