( قال الله تعالى ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين * لئن بسطت إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين ) صدق الله العظيم
وقعت أحداث هذه القصة في عهد آدم عليه السلام.
أولاً: نبدأ بتعريف شخصية الرجلين:
كان قابيل من أولياء الشيطان ............ قاده هواه .................... وحطمه حقده ، وأرداه حسده ، وأعماه الشيطان.
وكان هابيل من أولياء الرحمن ............ قاده الإيمان ، ورفعه الإحسان.
ثانياً : بداية القصة :
قال أهل العلم : { إن حواء كانت تلد لآدم توأمين في كل بطن غلاماً وجارية ، وكان جميع من ولدته حواء أربعين من ذكر وأنثى في عشرين بطناً ، أولهم (( قابيل )) وتوأمته (( إقليما )) ثم (( هابيل )) وتوأمته (( لبودا )) في بطن واحد ، وآخرهم (( عبد المغيث)) ثم كثر الله في نسل آدم }.
وكان آدم يزوج ذكر كل بطن بأنثى البطن الآخر ، فلما ولد قابيل وتوأمته إقليما في بطن واحد ، وهابيل وتوأمته لبودا في بطن واحد ، وكان بينهما سنتان ، وأدركوا أمر الله تعالى آدم أن ينكح لبودا أخت هابيل قابيل ، وينكح هابيل إقليما أخت قابيل ، وكانت أخت قابيل من أجمل النساء وأحسنهن خلقاً ، فذكر آدم ذلك لولده هابيل فرضي وسخط قابيل وقال : هي أختي ولدت معي في بطن وهي أحسن من أخت هابيل فأنا أحق بها ، فقال له أبوه : إنها لا تحل لك ، فأبى أن يقبل ذلك منه ، وقال : إن الله تعالى لم يأمره ، بذلك وإنما هو من رأيه ، فقال لهما آدم : قربا قرباناً فأيكما يقبل قربانه فهو أحق بها.
فما هى قصة القربان ؟ إليكم قصة القربان:
قصة القربان:
كانت القرابين حينئذ إذا قبلت نزلت نار من السماء فأكلتها وإذا لم تقبل لم تنزل نار لأكلها .... فخرج قابيل وهابيل ليقربا وكان قابيل صاحب زرع فقرب صبرة من الطعام من أردأ زرعه ، وأضمر في نفسه ما أبالي أيقبل مني أم لا ، لا يتزوج أختي أبداً ، وكان هابيل راعياً صاحب ما شية فقرب كبشاً سميناً من خيار ماشيته ، وأضمر في نفسه الرضا بالله والتسليم لأمره فوضعا قربانها على الجبل فنزلت نار من السماء فأكلت الكبش ، ولم تأكل من قربان قابيل حبة ، فنزلوا عن الجبل وتفرقوا ، وقد غضب قابيل لما رد الله قربانه ، وظهر فيه الحسد والبغي ، وكان يضمرهما قبل ذلك في نفسه.
ومن هنا حدثت المأساة :
أتى قابيل إلى هابيل في غنمه ، فقال : لأقتلنك . قال : ولم ؟ قال : لأن الله قبل قربانك ولم يقبل قرباني وتنكح أختي الحسناء وأنكح أختك الدميمة فيتحدث الناس أنك خير مني وأفضل ويفتخر ولدك على ولدي ، فقال له هابيل : وما ذنبي إنما يتقبل الله من المتقين * لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ) { المائدة 27 ،28 }
قال عبد الله بن عمر : ( إن المقتول كان أشد ولكنه منعه التحرج أن يبسط إلى أخيه يده ).
{ إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين } ( المائدة : 29 ) وهذا الكلام متضمن موعظة له لو اتعظ وزجراً له لو انزجر.
{ فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين } ( المائدة : 30 ) ومعني طوعت : سولت
قال السدي : لما قصد قابيل قتل هابيل زاغ هابيل على رءوس الجبال ، ثم أتاه يوماً من الأيام ، وهو نائم فرفع صخرة فشدخ بها رأسه فمات.
وقال أيضاً ابن جريج : لم يدر قابيل كيف يقتل أخاه ، فتمثل له إبليس وأخذ طيراً فوضع رأسه على حجر ثم شدخه بحجر آخر ، وكان لهابيل يوم قتل ( عشرين سنة ) . ( فأصبح من الخاسرين ) أي : في الدنيا والآخرة ، وأي خسارة أعظم من هذه ؟؟؟
ولما قتل قابيل أخاه تركه ولم يدر ما يصنع لأنه كان أول ميت على وجه الأرض من بني آدم ......... {{ ما يروى عن مجاهد : أن قابيل حمل هابيل على عاتقه مائة سنة ميتاً لا يدري ما يصنع به . لا يصح ، فالجثة سرعان ما تتغير }}. فبعث الله غرابين فاقتتلا فقتل أحدهما صاحبه ، ثم حفر له بمنقاره ورجليه حتى مكن له في الأرض ثم ألقاه في الحفرة ووراراه وقابيل ينظر إليه ، فلما رأى ذلك قال : { يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين } ( المائدة : 31 ).
قال الحسن : علاه الله بندامة بعد خسران .
حزن الأرض على فراق هابيل:
الأرض تبكي على موت هابيل !!!!!
ما من مؤمن يموت إلا وبكت عليه السماء والأرض.
روى أبو على الموصي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من عبد إلا وله بابان : باب يخرج من رزقه وباب يدخل من عمله وكلامه فإذا مات فقداه وبكيا عليه ) وتلا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هذه الآية الكريمة : ( فلما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ) ( الدخان : 29 ).
وسئل ابن عباس : هل تبكي السماء والأرض على أحد ؟
قال : نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه وفيه يصعد عمله فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله وينزل منه رزقه ففقده بكى عليه ، وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله عز وجل فيها بكت عليه وإن قوم فرعون لم تكن لهم في الأرض آثار صالحة ولم يكن يصعد إلى الله عز وجل منهم خير فلم تبك عليهم السماء والأرض.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كان يقال تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحاً . وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما.
وسئل مجاهد أتبكي الأرض ؟ أتعجب وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود ! وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها دوي كدوي النحل.وفي النهاية : يمهل الله ولا يهمل:
الأنتقام العاجل:
لم ينعم قابيل بالحياة طويلاً بعد دفن أخيه.
قال مجاهد : ( علقت إحدى رجلي القاتل بساقها إلى فخذها من يومئذ ووجهه في الشمس حيثما دارت دار ، عليه في الصيف حظيرة من نار ، وعليه في الشتاء حظيرة من ثلج ).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه أول من سن القتل ) { رواه أحمد وإسناده صحيح }.
قال عبد الله بن عمرو : ( إنا لنجد ابن آدم القاتل يقاسم أهل النار قسمة صحيحة ، العذاب عليه شطر عذابهم ).
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى : ( والظاهر أن قابيل عوجل بالعقوبة ، كما ذكره مجاهد وابن جبير أنه علقت ساقه بفخذه يوم قتله ، وجعل الله وجهه إلى الشمس حيث دارت عقوبة له وتنكيلاً به ، وقد ورد الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من ذنب أجدر أن يجعل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ) وقد اجتمع في فعل قابيل هذا وهذا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ).
خاتمة ودروس من القصة مستفادة:1.
الرضا بقسمة الله تعالى هو باب الله الأعظم ، وجنة الدنيا ومستراح العابدين.
2. حب الذات آفة خبيثة حملت قابيل على قتل أخيه ، وحملت إبليس على رفض السجود لآدم.
3. ما تمرد عبد على أوامر الله إلا قادته شهوته ، وانتصر عليه هواه ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم ، وفروجكم ، ومضلات الهوى ) ( رواه الطبراني ).
4. البر لا يبلى ، والذنب لا ينسى ، والديان لا يموت ، اعمل ما شئت كما تدين تدان.
5. التقوى من أسباب قبول العمل ( إنما يتقبل الله من المتقين ) ( المائدة : 27 ) - ولما حضرت الوفاة عامر بن عبد الله بكى ، فقيل له : ما يبكيك وكنت ؟ قال : إني أسمع الله تعالى يقول : ( إنما يتقبل الله من المتقين ). صدق الله العظيم وصدقت يارسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا يا أخي الكريم دكتور أحمد الليثي ردي ودليلى على سؤالك - وإذا كنت سددت فمن الله ورسوله ولو كنت أخطأت فمني ومن الشيطان فأدعوا الله أن يتقبل منا أعملنا ويجعلها في ميزان حسناتنا وأن يغفر لنا ذنوبنا آمين
أعذروني على الأطالة وفقني الله وإياكم إلى الخير دائما
**منقووووووول للافاده***
